وقّعت مصر اتفاقًا جديدًا لشراء الغاز الطبيعي من إسرائيل بقيمة 35 مليار دولار، يُعد الأكبر في تاريخ صادرات الطاقة الإسرائيلية، وفقًا لما أوردته منصة ميدل إيست آي
الاتفاق يقضي بضخ 130 مليار متر مكعب من الغاز من حقل "لفياثان" البحري إلى مصر حتى عام 2040، ما يضاعف الكميات التي كانت القاهرة تستوردها سابقًا بموجب صفقة 2018، والتي كانت تضمن تدفق 4.5 مليار متر مكعب سنويًا. ويمثل هذا التحرك توسعًا كبيرًا في العلاقات الطاقوية بين الجانبين، رغم الانقطاعات المتكررة في الإمدادات منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023.
شركة نيو ميد الإسرائيلية، التي تملك 45.34٪ من الحقل، أعلنت الصفقة، وتشاركها في الملكية شركتا راشيو الإسرائيلية وتشيفرون الأمريكية.
تعاني مصر في السنوات الثلاث الماضية من تراجع حاد في إنتاجها المحلي من الغاز، ما دفع الحكومة إلى زيادة الاعتماد على الواردات، خاصة مع اتساع الفجوة الطاقوية وتكرار انقطاع الكهرباء خلال الصيفين الماضيين، في ظل ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة.
تشير البيانات إلى أن مصر باتت تستورد ما بين 15 و20 بالمئة من استهلاكها للغاز من إسرائيل، وفقًا لمبادرة بيانات المنظمات المشتركة. وقد حاولت الحكومة سد العجز عبر استيراد الغاز الطبيعي المسال (LNG)، حيث قفزت فاتورة الواردات من 12 مليار دولار في 2024 إلى 19 مليارًا هذا العام.
الرئيس التنفيذي لشركة نيو ميد، يوسي أبو، وصف الصفقة بأنها "مربحة للطرفين"، مشيرًا إلى أن الغاز الإسرائيلي أرخص من الغاز المسال المستورد، لأنه يُنقل عبر أنابيب مباشرة دون الحاجة لعمليات التسييل والنقل المعقّدة.
رغم ذلك، نقل موقع مدى مصر أن الاتفاق الجديد سيرفع السعر إلى نحو 35 مليون دولار لكل مليار متر مكعب، بزيادة تقارب 14.8٪ عن السعر السابق، ما يعكس قبول القاهرة بشروط أعلى نظرًا لكون الغاز الإسرائيلي الخيار الأرخص المتاح لها.
التنفيذ الفعلي للاتفاق يعتمد على استكمال مشروعات البنية التحتية اللازمة. المرحلة الأولى، التي تبدأ في 2026، تشمل ضخ 20 مليار متر مكعب بشرط الانتهاء من خط أنابيب جديد يصل إلى الحقل، بالإضافة لتوسعة خط يربط بين أشدود وأشكلون داخل إسرائيل، وهو مشروع تعطّل بسبب الحرب على غزة.
المرحلة الثانية، والتي تشمل تصدير الـ110 مليار متر مكعب المتبقية، مشروطة ببناء خط أنابيب بري يصل إلى معبر نيتسانا على الحدود المصرية، ولم يبدأ العمل عليه حتى الآن. وحذّرت نيو ميد في بيانها من أنه "لا يوجد ضمان" لتنفيذ هذه الشروط.
تتزامن الصفقة مع تصاعد الغضب الشعبي تجاه ما يعتبره كثيرون "تورطًا" مصريًا في الحصار الإسرائيلي على غزة، حيث أودت المجاعة بحياة نحو 200 فلسطيني، وفق تقارير حقوقية. وشهدت القاهرة احتجاجات نادرة، أبرزها اقتحام قسم شرطة المعصرة قام به اثنين من النشطاء اعتراضًا على استمرار إغلاق معبر رفح، قبل أن يُختفيا قسرًا لاحقًا. كما شهدت سفارات مصر في أوروبا احتجاجات رمزية، قادها الناشط أنس حبيب في هولندا، اعتراضًا على الموقف الرسمي.
رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي ردّ على هذه الاتهامات خلال قمة في القاهرة هذا الأسبوع، ووصفها بـ"حديث غريب"، مؤكدًا أن مصر لا تتواطأ في العدوان، وموجهًا انتقادات إلى "عجز المجتمع الدولي" عن معالجة الأزمات الإنسانية.